فصل: باب ترك الشفاعة للسارق اذا بلغ السلطان

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الاستذكار لمذاهب علماء الأمصار فيما تضمنه الموطأ من معاني الرأي والآثار ***


وروى اهل المدينة عن عمر هذا المعنى‏.‏

1535- ومن ذلك حديث مالك في هذا الباب عن يحيى بن سعيد ان سليمان بن يسار اخبره ان عبد الله بن عياش بن ابي ربيعة المخزومي قال امرني عمر بن الخطاب في فتية من قريش فجلدنا ولائد من ولائد الامارة خمسين خمسين في الزنى ورواه بن جريج وبن عيينة عن يحيى بن سعيد عن سليمان مثله بمعناه وروى معمر عن الزهري ان عمر بن الخطاب جلد ولا يرى من الخمسين انكارا في الزنى وهذا كله واضح في ان الامة اذا زنت حدت وان لم تكن محصنة بزوج حر ام عبد‏.‏

1536- وذكر مالك في هذا الباب عن نافع ان عبدا كان يقوم على رقيق الخمس وانه استكره جارية من ذلك الرقيق فوقع بها فجلده عمر بن الخطاب ونفاه ولم يجلد الوليدة لانه استكرهها وفي هذا الحديث جلد العبيد اذا زنوا ونفيهم وذلك كله عن عمر خلاف ما روى عنه اهل العراق في الامة اذا زنت القت فروتها وراء الدار أي لا حد عليها وروي عن انس انه كان يجلد اماءه اذا زنين تزوجن او لم يتزوجن وروي ذلك عن علي وبن مسعود وبه قال ابراهيم النخعي والحسن البصري واليه ذهب مالك والاوزاعي والليث بن سعد وعثمان البتي وابو حنيفة والشافعي وعبيد الله بن الحسن واحمد واسحاق وروى معمر عن الزهري عن سالم عن بن عمر في الامة اذا زنت قال ان كانت ليست ذات زوج جلدها سيدها نصف ما على المحصنات من العذاب وان كانت ذات زوج يضع امرها إلى السلطان قال ابو عمر اما ظاهر القران فهو شاهد بان الامة لا حد عليها حتى تحصن بزوج قال الله عز وجل ‏(‏ ومن لم يستطع منكم طولا ان ينكح المحصنات المومنات فمن ما ملكت ايمانكم من فتياتكم المومنات‏)‏ ‏[‏النساء 25‏]‏‏.‏

فوصفهن عز وجل بالايمان ثم قال عز وجل ‏(‏فاذا احصن فان اتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب‏)‏ ‏[‏النساء 25‏]‏‏.‏

والاحصان التزويج ها هنا لان ذكر الايمان قد تقدم ثم جاءت السنة في الامة اذا زنت ولم تحصن جلدت دون الحد وقيل بل بالحد وتكون زيادة بيان كنكاح المراة على عمتها وعلى خالتها ونحو ذلك مما قد اوضحناه في مواضع من كتابنا والحمد لله كثيرا قال ابو عمر اختلف العلماء في اقامة السادة الحدود على عبيدهم فقال مالك يحد المولى عبده وامته في الزنى وشرب الخمر والقذف اذا شهد عليه الشهود ولا يحده الا بالشهود ولا يقطعه في السرقة وانما يقطعه الامام وهو قول الليث واختلف اصحاب مالك في ذلك على ما ذكرنا عنهم في كتاب اختلافهم وقال ابو حنيفة يقيم الحدود على العبيد والاماء السلطان دون المولى في الزنى وفي سائر الحدود وهو قول الحسن بن حي وقال الثوري في رواية الاشجعي عنه يحده المولى في الزنى وفي سائر الحدود وهو قول الاوزاعي‏.‏

وقال الشافعي يحده المولى في كل حد وهو قول احمد واسحاق وابي ثور واحتج الشافعي بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏اذا زنت امة احدكم فليجلدها‏)‏ وقوله صلى الله عليه وسلم ‏(‏اقيموا الحدود على ما ملكت ايمانكم‏)‏ وروي عن جماعة من الصحابة انهم اقاموا الحدود على ما ملكت ايمانهم منهم بن عمر وبن مسعود وانس ولا مخالف لهم من الصحابة وروي عن ابي ليلى انه قال ادركت بقايا الانصار يضربون الوليدة من ولائدهم اذا زنت في مجالسهم وروى الثوري عن عبد الاعلى عن ابي جميلة عن علي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏(‏اقيموا الحدود على ما ملكت ايمانكم‏)‏ وحجة ابي حنيفة ما روي عن الحسن وعبد الله بن محيريز ومسلم بن يسار وعمر بن عبد العزيز وغيرهم انهم قالوا الجمعة والزكاة والحدود والفيء والحكم إلى السلطان واما قوله صلى الله عليه وسلم في حديث هذا الباب ‏(‏ثم بيعوها ولو بضفير‏)‏ فهذا على وجه الاختيار والحض على مساعدة الزانية لما في ذلك من الاطلاع وبما على المنكر وانه كالرضا به وقد قالت ام سلمة في حديثها يا رسول الله ‏!‏ انهلك وفينا الصالحون ‏!‏ قال ‏(‏نعم اذا كثر الخبث‏)‏ والخبث في هذا الحديث عند اهل العلم اولاد الزنى وان كانت اللفظة محتملة لذلك ولغيره وقد احتج بهذا الحديث من لم ير نفي العبيد لانه ذكر فيه الجلد ولم يذكر نفيا وقال اهل الظاهر بوجوب بيعها اذا زنت بعد جلدها الرابعة منهم داود وغيره والله اعلم‏.‏

باب ما جاء في المغتصبة

1537- قال مالك الامر عندنا في المراة توجد حاملا ولا زوج لها فتقول قد استكرهت او تقول تزوجت ان ذلك لا يقبل منها وانها يقام عليها الحد الا ان يكون لها على ما ادعت من النكاح بينة او على انها استكرهت او جاءت تدمى ان كانت بكرا او استغاثت حتى اتيت وهي على ذلك الحال او ما اشبه هذا من الامر الذي تبلغ فيه فضيحة نفسها قال فان لم تات بشيء من هذا اقيم عليها الحد ولم يقبل منها ما ادعت من ذلك قال ابو عمر قد مضى القول في هذا الباب في باب الرجم عند قول عمر بن الخطاب الرجم في كتاب الله حق على من زنت من الرجال والنساء اذا احصن اذا قامت البينة او كان الحبل والاعتراف فجعل وجود الحبل كالبينة او الاعتراف فلا وجه لاعادة ما قد مضى الا ان نذكر طرفا هنا ونقول انه قد روي عن عمر خلاف ما رواه مالك عنه وان كان اسناد حديث مالك اعلى ولكنه محتمل للتاويل وروى عبد الرزاق عن الثوري عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال قد بلغ عمر ان امراة متعبدة حملت فقال عمر اتراها قامت من الليل تصلي فخشعت فسجدت فاتاه غاو من الغواة فتجشمها فحدثته بذلك سواء فخلى سبيلها وعن بن عيينة عن عاصم بن كليب الجرمي عن ابيه ان ابا موسى كتب إلى عمر في امراة اتاها رجل وهي نائمة فقالت ان رجلا اتاني وانا نائمة فوالله ما علمت حتى قذف في مثل شهاب النار فكتب عمر تهامية تنومت قد كان يكون مثل هذا وامر ان يدرا عنها الحد وروي عن عمر ايضا انه اتي بامراة حبلى بالموسم وهي تبكي فقالوا زنت فقال عمر ما يبكيك فان المراة ربما استكرهت على نفسها يلقنها ذلك فاخبرت ان رجلا ركبها نائمة فقال لو قتلت هذه لخشيت ان يدخل ما بين هذين الاخشبين النار وخلى سبيلها وروي عن علي رضي الله عنه انه قال لشراحة حين اقرت بالزنى لعلك غصبت على نفسك فقالت بل اتيت طائعة غير مكرهة واختلف الفقهاء في الرجل والمراة يوجدان في بيت فيقران بالوطء ويدعيان الزوجية فقال مالك ان لم يقيما البينة بما ادعيا من الزوجية بعد اقرارهما بالوطء او بعد ان شهدا عليهما به اقيم عليهما الحد قال بن القاسم الا ان يكونا طارئين وقال عثمان البتي ان كان يرى قبل ذلك يدخل اليها ويذكرها او كانا طارئين لا يعرفان قبل ذلك فلا حد عليهما وان كان لم ياتيا شيئا من ذلك فهما زانيان ما اجتمعا وعليهما الحد وقال ابو حنيفة واصحابه اذا وجد رجل وامراة واقرا بالوطء وادعيا انهما زوجان لم يحدا ويخلى بينه وبينها وهو قول الشافعي قال ابو عمر لا خلاف عليه علمته بين علماء السلف والخلف ان المكرهة على الزنى لا حد عليها اذا صح اكراهها واغتصابها نفسها وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏تجاوز الله عن امتي الخطا والنسيان وما استكرهوا عليه‏)‏ والاصل المجتمع عليه ان الدماء الممنوع منها بالكتاب والسنة لا ينبغي ان يراق شيئا منها ولا يستباح الا بيقين واليقين الشهادة القاطعة او الاقرار الذي يقيم عليه صاحبه فان لم يكن ذلك فلان يخطئ الامام في العفو خير له من ان يخطئ في العقوبة فاذا صحت التهمة فلا حرج عليه في تعزيز المتهم وتاديبه بالسجن وغيره وبالله التوفيق وقد مضى القول في صداق المغتصبة ولا تنكح حتى تستبرئ نفسها بثلاث حيض فان ارتابت من حيضتها فلا تنكح حتى تستبرئ نفسها من تلك الريبة قال ابو عمر قد تقدم في كتاب النكاح هذا المعنى وما فيه للعلماء ونعيده مختصرا هنا لاعادة مالك له في هذا الباب‏.‏

وقال مالك اذا زنى الرجل بالمراة ثم اراد نكاحها فذلك جائز له بعد ان يستبرئها عن مائة الفاسد قال وان عقد النكاح قبل ان يستبرئها فهو كالناكح في العدة ولا يحل له ابدا ان كان وطؤه في ذلك قال مالك واذا تزوج امراة حرة فدخل بها فجاءت بولد بعد شهر انه لا ينكحها ابدا لانه وطاها في عدة‏.‏

وقال الشافعي يجوز نكاح الزانية وان كانت حبلى من زنى ولا يطؤها حتى يستبرئها واحب الي ان لا يعقد عليها حتى تضع وقال زفر اذا زنت المرأة فعليه العدة وان تزوجت قبل انقضاء العدة لم يجز النكاح وقال ابو حنيفة في رجل رأى أمراة تزني ثم تزوجها فله أن يطأها قبل أن يستبرئها كما لو راى امرأته تزني لم يحرم عليه وطؤها عنده وقال محمد بن الحسن لا احب له ان يطاها حتى يستبرئها وان تزوج امراة وبها حمل من زنى جاز النكاح ولا يطؤها حتى تضع ولم يفرق بين الزاني وغيره وقال عثمان البتي لا باس بتزويج الزانية الزاني وغيره واحب الي ان لا يقربها وفيها ماء خبيث وقال ابو يوسف النكاح فاسد اذا كان الحمل من زنى وهو قول الثوري وزاد الثوري وكان الحمل منه وقد روي عن ابي يوسف كقول ابي حنيفة وقال الاوزاعي لا يتزوج الزاني الزانية الا بعد حيضة واحب الي ان تحيض ثلاثا قال ابو عمر اما حجة مالك فانه قاس استبراء الرحم من الزنى بثلاث حيض في الحرة على حكم النكاح الفاسد المفسوخ لان حكم النكاح الفاسد عند الجميع كالنكاح الصحيح في العدة فكذلك الزنى لانه لا يستبرئ رحم غيره في حرة باقل من ثلاث حيض قياسا على العدة وحجة الشافعي وابي حنيفة ان العدة في الاصول لا تجب الا باسباب تقدمتها بنكاح ثم طلاق او موت فلم يكن قبل الزنى بسبب تجب العدة بزواله وكذلك لم يجب عندهم فيه عدة والقياس عندهم في الحمل مثله في استبراء الرحم وقد احتج الشافعي بالحديث عن عمر انه حد ‏(‏غلاما‏)‏ وجارية فجرا ثم حرج على ان يجمع بينهما فابى الغلام قال فلم يكن عنده ان عليها عدة من زنى ولا مخالف له من الصحابة قال ولا وجه لمن جعل ماء الزاني كماء المطلق فقاسه عليه واباح للزاني نكاحا دون عدة لان العدة فيها حق للزوج وعبادة عليه لقوله عز وجل ‏(‏واحصوا العدة‏)‏ ‏[‏الطلاق 1‏]‏‏.‏

ولقوله ‏(‏فما لكم عليهن من عدة‏)‏ الاحزاب 49 والعدة من الزنى لو وجبت لم يكن للزاني فيها حق وهو من سائر الناس لانه لا فراش له ولا ولد يلحق به فلما لم يمنع الزاني من نكاحها لم يمنع غيره‏.‏

باب الحد في القذف والنفي والتعريض

1538- مالك عن ابي الزناد انه قال جلد عمر بن عبد العزيز عبدا في فرية ثمانين قال ابو الزناد فسالت عبد الله بن عامر بن ربيعة عن ذلك فقال ادركت عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان والخلفاء هلم جرا فما رايت احدا جلد عبدا في فرية اكثر من اربعين قال ابو عمر روى سفيان الثوري عن عبد الله بن ذكوان عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال كان ابو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان لا يجلدون العبد في القذف الا اربعين ثم رايتهم يزيدون على ذلك قال ابو عمر قوله ثم رايتهم يعني الامراء بالمدينة ليس الخلفاء الثلاثة الذين ذكرهم وقد روي عن علي بن ابي طالب رضي الله عنه انه كان يجلد العبد في الفرية اربعين من كتاب بن ابي شيبة وعبد الرزاق وغيرهما واختلف اهل العلم في العبد يقذف الحر كم يضرب فقال اكثر العلماء حد العبد في القذف اربعون جلدة سواء قذف حرا او عبدا روي ذلك عن ابي بكر وعمر وعثمان وعلي وبن عباس وروى الثوري عن جعفر بن محمد عن ابيه ان عليا قال يجلد العبد في الفرية اربعين وبه قال سعيد بن المسيب والحسن البصري وعطاء بن ابي رباح ومجاهد والشعبي والنخعي وطاوس والحكم وحماد وقتادة والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله واليه ذهب مالك والليث وابو حنيفة والشافعي واصحابهم واحمد بن حنبل واسحاق وحجتهم القياس للعبيد على الاماء لقول الله عز وجل في الاماء ‏(‏فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب‏)‏ ‏[‏النساء 25‏]‏‏.‏

وروى عن بن مسعود انه قال في عبد قذف حرا يجلد ثمانين وبه قال عمر بن عبد العزيز وابو بكر بن محمد عمرو بن حزم وقبيصة بن ذؤيب وبن شهاب الزهري والقاسم بن محمد واليه ذهب الاوزاعي وابو ثور وداود حدثني خلف بن قاسم قال حدثني محمد بن القاسم بن شعبان قال حدثني احمد بن شعيب قال اخبرنا احمد بن مسعدة قال اخبرنا سليم بن اخضر عن بن عون وعوف ان عمر بن عبد العزيز كتب في المملوك يقذف الحر قال يجلد ثمانين وذكر ابو بكر بن ابي شيبة قال حدثني ابو اسامة قال حدثني جرير بن حازم قال قرات كتاب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن ارطاة اما بعد فانك كتبت الي تسال عن العبد يقذف الحر كم يجلد وذكرت انه بلغك اني كنت اجلده اذا زنى بالمدينة اربعين جلدة ثم جلدته في اخر عملي ثمانين جلدة فان جلدي الاول كان رايا رايته وان جلدي الاخر وافق كتاب الله تعالى فاجلده ثمانين قال حدثني بن مهدي عن سفيان عن عبد الله بن ابي بكر قال ضرب عمر بن عبد العزيز العبد في القذف ثمانين قال ابو عمر ظن داود واهل الظاهر ان عمر بن عبد العزيز ومن قال بقوله انما جلد العبد في القذف ثمانين فرارا عن قياس العبيد على الاماء وليس كذلك بل المعنى الذي ذهبوا إليه نفس القياس لان الله عز وجل امر في كل من قذف محصنة ان يجلد ثمانين جلدة الا ان ياتي باربعة شهداء والمحصنات لا يدخل فيهن المحصنون الا بالقياس وقد اجمع علماء المسلمون ان المحصنين في ذلك كلهم حكمهم في ذلك حكم المحصنات قياسا وان من قذف حرا عفيفا مسلما كمن قذف حرة عفيفة مسلمة هذا ما لا خلاف فيه بين احد من علماء هذه الامة فمن راى الحد حقا يجب للمقذوف سواء كان قاذفه حرا او عبدا قال حد القاذف للحر المسلم البالغ ثمانون جلدة حرا كان او عبدا لان الله تعالى لم يخص قاذفا حرا من قاذف عبد اذا كان المقذوف حرا مسلما فليس ها هنا نفي قياس لمن انعم النظر وسلم من الغفلة ومن قال الحد انما يراعى فيه القاذف فان كان عبدا حد حد العبيد كما يضرب في الزنى نصف حد الحر انما يراعى فيه القاذف وهذا تصريح بالقياس وهو قول الخلفاء الراشدين وجمهور علماء المسلمين وبالله التوفيق‏.‏

1539- مالك عن زريق بن حكيم الايلي ان رجلا يقال له مصباح استعان ابنا له فكانه استبطاه فلما جاءه قال له يا زان قال زريق فاستعداني عليه فلما اردت ان اجلده قال ابنه والله لئن جلدته لابوان على نفسي بالزنى فلما قال ذلك اشكل علي امره فكتبت فيه إلى عمر بن عبد العزيز وهو الوالي يومئذ اذكر له ذلك فكتب الي عمر ان اجز عفوه قال زريق وكتبت إلى عمر بن عبد العزيز ايضا ارايت رجلا افتري عليه او على ابويه وقد هلكا او احدهما قال فكتب الي عمر ان عفا فاجز عفوه في نفسه وان افتري على ابويه وقد هلكا او احدهما فخذ له بكتاب الله الا ان يريد سترا قال مالك وذلك ان يكون الرجل المفترى عليه يخاف ان كشف ذلك منه ان تقوم عليه بينة فاذا كان على ما وصفت فعفا جاز عفوه قال ابو عمر اختلف الفقهاء في حد القذف هل هو لله عز وجل كالزنى لا يجوز عفو او هو حق من حقوق الادميين كالقتل يجوز فيه العفو واختلف قول مالك في ذلك ايضا فمرة قال العفو عن حد القذف جائز بلغ الامام او لم يبلغ وهو قول الشافعي وابي يوسف ومرة قال لا يجوز فيه العفو اذا بلغ الامام ومرة قال لا يجوز فيه العفو الا ان يريد صاحبه سترا على نفسه وهذا نحو القول الاول الذي اجاز فيه العفو عن القاذف وقال ابو حنيفة وابو يوسف في رواية محمد عنه لا يصح العفو عن حد القذف بلغ الامام او لم يبلغ وهو قول الثوري والاوزاعي وروى بشر بن الوليد عن ابي يوسف ان عفوه يصح كقول الشافعي وقال ابو جعفر الطحاوي لما كان حد القذف يسقط بتصديق القذف للقاذف دل انه حق للادمي لا حق لله قال ابو عمر العفو في حقوق الادميين اذا عفوا جائز باجماع‏.‏

1540- مالك عن هشام بن عروة عن ابيه انه قال في رجل قذف قوما جماعة انه ليس عليه الا حد واحد قال مالك وان تفرقوا فليس عليه الا حد واحد قال ابو عمر روى معمر عن هشام بن عروة عن ابيه قال اذا جاؤوا جميعا فحد واحد وان جاؤوا متفرقين اخذ لكل انسان بحده ذكر ابو بكر قال حدثني ابو اسامة عن هشام بن عروة عن ابيه في الذي يقذف القوم جميعا قال ان كان في كلام واحد فحد واحد وان فرق فلكل واحد منهم حد والسارق مثل ذلك قال عبد الرزاق عن بن جريج عن هشام عن ابيه مثله إلى اخره قال ابو عمر في هذه المسالة للعلماء اقوال احدها انه ليس على قاذف الجماعة الا حد واحد تفرقوا او اجتمعوا وهو قول مالك وطاوس وعطاء والزهري وقتادة وابراهيم النخعي في رواية حماد وهو قول الثوري واحمد واسحاق وذكر عبد الرزاق عن الثوري عن سليمان الشيباني وجابر وفراس كلهم عن الشعبي في الرجل يقذف القوم جميعا قال اذا فرق ضرب لكل انسان منهم وان جمعهم فحد واحد قال الثوري وقال حماد حد واحد جمع او فرق وعن معمر عن الزهري قال ان قذفهم جميعا فحد واحد مجتمعين كانوا او مفترقين والاخر ان قذفهم شتى فلكل واحد منهم حد وان قذفهم جميعا فحد واحد والثالث ان لكل واحد منهم حدا سواء كان القذف واحد او قذف كل واحد منهم منفردا واتفق مالك وابو حنيفة واصحابهما والثوري والليث بن سعد انه اذا قذفهم بقول واحد او افرد كل واحد منهم فليس عليه الا حد واحد ما لم يحد ثم يقذف بعد الحد وقال بن ابي ليلى اذا قال لهم يا زناة فعليه حد واحد وان قال لكل واحد منهم يا زان فلكل واحد منهم حد وهو قول الشعبي في رواية وقول احمد ايضا وقال عثمان البتي اذا قذف جماعة فعليه لكل واحد منهم حد فان قال لرجل زنيت بفلانه فعليه حد واحد لان ابا بكرة واصحابه ضربهم عمر حدا واحدا ولم يحدهم للمراة قال ابو عمر تناقض البتي في هذه المسالة وليس ما احتج به من فعل عمر حجة لان المراة لم تطلب حدها عند عمر وانما الحد لمن طلبه وقام فيه وهذا ايضا من فعل عمر يدل على ان حد القذف من حقوق الادميين لا يقوم به السلطان الا ان يطلب المقذوف ذلك عنده وقال الحسن بن حي اذا قال من دخل هذه الدار فهو زان ضرب لكل من دخلها الحد اذا طلب ذلك‏.‏

وقال الشافعي فيما ذكر عنه المزني اذا قذف جماعة بكلمة واحدة فلكل واحد منهم حد وان قال يا بن الزانيين فعليه حدان وقال في احكام القران اذا قذف امراته برجل لاعن ولم يحد الرجل وفي البويطي عنه مثل قول مالك قال ابو عمر الحجة لمالك ومن قال بقوله حديث انس وغيره ان هلال بن امية قذف امراته بشريك بن سحماء فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلاعن بينهما ولم يحد لشريك ولا يختلفون ان من قذف امراته برجل فلاعن لم يحد الرجل ومن حجة من قال على قاذف الجماعة لكل واحد منهم حد اجماعهم على انه لو عفا احد المقذوفين كان لمن جمعه القذف معه ان يقوم - ان شاء - بحده ولو كانوا عشرة او اكثر فعفا التسعة كان للباقي القيام في حده وحد القاذف له ولو كان حدا واحدا لسقط يعفو من عفا كما يسقط الدماء ولهم في هذا من القول والاعتلال ما يطول ذكره وليس كتابنا هذا بموضع له‏.‏

1541- مالك عن ابي الرجال محمد بن عبد الرحمن بن حارثة بن النعمان الانصاري ثم من بني النجار عن امه عمرة بنت عبد الرحمن ان رجلين استبا في زمان عمر بن الخطاب فقال احدهما للاخر والله ما ابي بزان ولا امي بزانية فاستشار في ذلك عمر بن الخطاب فقال قائل مدح اباه وامه وقال اخرون قد كان لابيه وامه مدح غير هذا نرى ان تجلده الحد فجلده عمر الحد ثمانين قال مالك لا حد عندنا الا في نفي او قذف او تعريض يرى ان قائله انما اراد بذلك نفيا او قذفا فعلى من قال ذلك الحد تاما قال ابو عمر اختلف العلماء في التعريض بالقذف هل يوجب الحد ام لا يروى عن عمر من وجوه انه حد في التعريض وروى معمر عن الزهري عن سالم عن بن عمر أن عمر كان يحد في التعريضي بالفاحشة وبن جريج قال اخبرني بن ابي مليكة عن صفوان وايوب عن عمر بن الخطاب انه حد في التعريض وقال بن جريج الذي حده عمر في التعريض عكرمة بن عامر بن هشام بن عبد مناف بن عبد الدار عندما هجا وهب بن زمعة بن الاسود بن عبد المطلب بن اسد تعرض له في هجائه سمعت بن ابي مليكة يحدث بذلك وكان عثمان يرى الحد في التعريض ذكر ابو بكر قال حدثني معاذ عن عوف عن ابي رجاء ان عمر وعثمان كانا يعاقبان في الهجاء قال‏.‏

وحدثني عبد الاعلى عن خالد بن ايوب عن معاوية بن قرة ان عثمان جلد الحد في التعريض وكان عمر بن عبد العزيز يحد في التعريض وذكر الاوزاعي عن الزهري انه كان يحد في التعريض وهو قول الاوزاعي وعن سعيد بن المسيب روايتان احداهما انه افتى بضرب الحد في التعريض والثانية انه قال لا حد الا على من نصب الحد نصبا‏.‏

وقال الشافعي وابو حنيفة واصحابهما والثوري وبن ابي ليلى والحسن بن حي لا حد في التعريض في القذف ولا يجب الحد الا في التصريح بالقذف البين الا ان ابا حنيفة والشافعي يقولان يعزر المعرض للقذف ويؤدب لانه اذى ويزجر عن ذلك وقال اصحاب الشافعي وابو حنيفة ان الخلاف في ذلك بين الصحابة لان عمر حد في حديث مالك وغيره ولم يشاور في قول الرجل ما ابي بزان ولا امي بزانية الا من اذا خالف قبل خلافه من الصحابة لا من غيرهم قال ابو عمر قد روي ان عمر خالف في ذلك غيره من الصحابة الذين شاورهم في ذلك ذكر ابو بكر قال حدثني عبد الله بن ادريس عن يحيى بن سعيد عن ابي الرجال عن امه عمرة قالت استب رجلان فقال احدهما ما ابي بزان ولا امي بزانية فشاور عمر القوم فقالوا مدح اباه وامه فقال عمر لقد كان لهما من المدح غير هذا فضربه وممن قال ان لا حد في التعريض عبد الله بن مسعود والقاسم بن محمد والشعبي وطاوس والحسن وحماد بن ابي سليمان وروى بن عتيبة والثوري عن يحيى بن سعيد عن قاسم بن محمد قال ما كنا نرى الحد الا في القذف البين او في النفي البين وذكر ابو بكر قال حدثني عبدة عن محمد بن إسحاق عن القاسم مثله قال‏.‏

وحدثني بن المبارك وعبد الرزاق عن معمر عن عبد الكريم عن سعيد بن المسيب قال لا حد الا على من نصب الحد نصبا قال حدثني غندر عن عوف عن الحسن انه قال لا يجلد الا من صرح بالقذف قال واخبرنا هشيم عن منصور عن الحسن قال ليس عليه حد حتى يقول يا زان او يا بن الزانية قال مالك الامر عندنا انه اذا نفى رجل رجلا من ابيه فان عليه الحد وان كانت ام الذي نفي مملوكة فان عليه الحد قال ابو عمر لا خلاف بين السلف والخلف من العلماء فيمن نفى رجلا عن ابيه وكانت امه حرة مسلمة عفيفة ان عليه الحد ثمانين جلدة ان كان حرا واختلفوا اذا كانت امة او ذمية ذكر ابو بكر بن ابي شيبة قال حدثني شريك عن جابر عن القاسم بن عبد الرحمن عن ابيه قال قال عبد الله لا حد الا على رجلين رجل قذف محصنة او نفى رجلا عن ابيه وان كانت امه امة قال‏.‏

وحدثني عبد الاعلى عن معمر عن الزهري قال اذا نفى الرجل عن ابيه فان عليه الحد وان كانت امه مملوكة قال‏.‏

وحدثني بن مهدي عن سفيان عن سعيد الزبيدي عن حماد عن ابراهيم في الرجل يقول للرجل لست لابيك وامه امة او يهودية او نصرانية قال لا يجلد قال‏.‏

وحدثني وكيع عن سفيان عن شيخ من الازد ان بن هبيرة سال عن الرجل ينفي الرجل عن ابيه وامه امة الحسن والشعبي فقالا يضرب الحد قال ابو عمر الذي يدل عليه مذهب الشافعي وابي حنيفة ان لا حد على من نفى رجلا عن ابيه اذا كانت امه امة او ذمية لانه قاذف لامه ولو صرح بقذفها لم يمن عليه حد وذكر المزني عن الشافعي قال وان قال يا بن الزانيين وكان ابواه حرين مسلمين فعليه حدان قال ولا حد الا على من قذف حرا بالغا مسلما او حرة بالغة مسلمة ولم يختلفوا ان قذف مملوكة مسلمة او كافرة انه لا حد عليه للقذف وان كان منهم من يرى التعزير للاذى ومنهم من يرى في ذلك الادب‏.‏

باب ما لا حد فيه

1542- قال مالك ان احسن ما سمع في الامة يقع بها الرجل وله فيها شرك انه لا يقام عليه الحد وانه يلحق به الولد وتقوم عليه الجارية حين حملت فيعطى شركاؤه حصصهم من الثمن وتكون الجارية له وعلى هذا الامر عندنا قال ابو عمر هذا واضح لانه قد سمع الخلاف في هذه المسالة واختار منه ما ذهب إليه وذكره في ‏(‏موطئه‏)‏ وله من السلف في ذلك عبد الله بن عمر وشريح وابراهيم وغيرهم ولم يفرق بن عمر بين علم الواطىء بتحريمها عليه وبين جهله ولم ير عليه حدا وجعله خائنا وهو قول ابي حنيفة واصحابه والقياس احد قولي الشافعي لانه قال في رجل له امة وهي اخته في الرضاعة وطاها عالما بالتحريم فيها قولان احدهما عليه الحد والثاني لا حد عليه لشبهة الملك التي لا شبهة له فيها واما حديث بن عمر فذكره ابو بكر قال حدثني وكيع عن إسماعيل بن ابي خالد عن عمير بن نمير قالا سئل بن عمر عن جارية كانت بين رجلين فوقع عليها احدهما فقال ليس عليه حد هو خائن تقوم عليه قيمتها وياخذها قال‏.‏

وحدثني يحيى بن سعيد عن سعيد عن مغيرة عن ابراهيم في جارية كانت بين رجلين فوقع عليها احدهما فحملت قال تقوم عليه قال‏.‏

وحدثني حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي عن حسن بن صالح عن ليث عن طاوس في الجارية تكون بين الرجلين فيطؤها احدهما قال عليه العقر بالحصة قال ابو عمر من درا عنه الحد الحق به الولد والزمه نصيب شريكه او شركائه من صداق مثلها ولم يقومها عليه ومن قومها عليه لم يلزمه شيئا من الصداق وكان الحسن يقول يعزر ويقوم عليه ذكره ابو بكر عن يزيد عن هشام عن الحسن قال‏.‏

وحدثني كثير بن هشام عن جعفر بن برقان قال بلغنا ان عمر بن عبد العزيز اتي بجارية كانت بين رجلين فوطئها احدهما فحملت فاستشار في ذلك سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وعروة بن الزبير فقالوا نرى ان يجلد دون الحد ويقومونها قيمة ويدفع إلى شريكه نصف القيمة وقد روي عن سعيد بن المسيب في هذه المسالة قول اخر انه يجلد الحد الا سوطا واحدا رواه معمر عن يحيى بن كثير قال سئل سعيد بن المسيب ورجلان معه من فقهاء المدينة عن رجل وطىء جارية له فيها شرك فقالوا عليه الحد الا سوطا واحدا وذكر ابو بكر قال حدثني حفص بن غياث عن داود بن ابي هند عن سعيد بن المسيب في جارية كانت بين رجلين فوقع عليها احدهما قال يضرب تسعة وتسعين سوطا وقد جاء عن سعيد بن المسيب في ذلك ايضا رواية ثالثة ذكرها عبد الرزاق عن بن جريج قال اخبرني داود بن ابي العاصم عن سعيد بن المسيب في رجلين بينهما جارية وطاها معا قال يجلد كل واحد منهما شطر العذاب وانما درا عنهما الرجم نصيب كل واحد منهما وان ولدت دعي الولد القافة وعن معمر عن الزهري في رجل وطىء جارية وله شرك قال يجلد مائة احصن او لم يحصن وتقوم عليه هي وولدها ثم يغرم لصاحبه الثمن قال معمر واما بن شبرمة وغيره من فقهاء الكوفة فيقولون تقوم عليه هي وولدها ثم يغرم لصاحبه الثمن قال معمر ولا يقوم عليه ولدها قال ابو عمر من قومها عليه يوم الوطء لم يقوم ولدها ومن قومها بعد الوضع قوم ولدها معها ويغرم لشريكه نصف قيمتها ونصف قيمة ولدها ان كانت بينهما نصفين وذكر ابو بكر بن ابي شيبة قال حدثني داود بن الجراح عن الاوزاعي عن مكحول في جارية بين ثلاثة وقع عليها احدهم قال عليه ادنى الحدين مائة وعليه ثلثا ثمنها وثلثا عقرها وثلثا قيمة الولد ان كان وذكر عبد الرزاق عن ابي حنيفة عن حماد عن ابراهيم في الجارية تكون بين الرجلين فتلد من احدهما قال يدرا عنه الحد بجهالته ويضمن لصاحبه نصيبه ونصف ثمن ولده قال وان كانت بين اخوين فوقع عليها احدهما فولدت قال يدرا عنه الحد ويضمن لاخيه قيمة نصيبه من الجارية وليس عليه قيمة في ولدها لانه يعتق حين ملكه قال ابو عمر هذا على ما ذكرنا في كتاب العتق من مذهب الكوفيين في انه يعتق على انسان كل ما ملكه من ذي رحم محرم منه قال عبد الرزاق وقال لنا سفيان الثوري اما نحن فنقول في هذه لا جلد ولا رجم ولكن تعزير ومذهب الاوزاعي فيها كمذهب الزهري ومكحول يضرب ادنى الحدين احصن او لم يحصن وقال ابو ثور عليه الحد كاملا لانه وطىء فرجا محرما عليه اذا كان بالتحريم عالما قال ابو عمر ليس كل من وطىء فرجا محرما عليه وطؤه يلزمه الحد لاجماعهم ان لا حد على من وطىء صائمة او معتكفة او محرمة او حائضا وهي له زوجة او امة والذي عليه جمهور الفقهاء ان شبهة الملك شبهة يسقط من اجلها الحد واحسن ما فيه عندي انه يلزم الواطىء نصف صداق مثلها ان كان له نصفها ونصف قيمتها ويدرا عنه الحد وبالله التوفيق واما الرجل الغازي يطأ جارية من المغنم وله في المغنم نصيب فاختلف الفقهاء في هذا على غير اختلافهم في الجارية تكون بين الرجلين فيطؤها احدهما او كلاهما فاختلف في ذلك قول مالك واصحابه وسائر اهل العلم منهم من راى الحد عليه ومنهم من لم ير عليه حدا لان له فيها نصيبا الذي راى عليه الحد قال ليس عليه نصيب معلوم ولا حصة متعينة ولا ينفذ له في نصيبه عتق فكأنه لا نصيب له فيها حتى يبرزه له السلطان ذكر عبد الرزاق عن بن جريج عن نافع ان غلاما لعمر بن الخطاب وقع على وليدة من الخمس فاستكرهها فأصابها وهو امير على ذلك الرقيق فجلده عمر الحد ونفاه وترك الجارية ولم يجلدها من اجل انه استكرهها قال ابو عمر ذكر هذا الخبر عبد الرزاق في باب الرجل يصيب جارية من المغنم وهذا قد يمكن ان يكون الغلام عبدا لا حق له في الفيء وانما فائدة هذا الخبر جلد العبد ونفيه وان المستكرهة لا شيء عليها وقد مضى ذلك كله في موضعه من كتابنا هذا والحمد لله كثيرا قال عبد الرزاق واخبرنا بن جريج قال اخبرنا إسماعيل بن خالد ان رجلا عجل فأصاب وليدة من الخمس وقال ظننت انها تحل لي فقال علي رضي الله عنه ان له فيها حقا فلم يجلده من اجل الذي له فيها وذكر ابو بكر قال حدثني وكيع عن موسى بن عبيدة عن بكر بن داود ان عليا اقام على رجل وقع على جارية من الخمس الحد قال ابو عمر كلا الخبرين عن علي منقطع لا حجة فيه ولا يقطع به على علي عليه السلام وذكر عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن سعيد بن المسيب في رجل وقع على جارية من المغنم قبل ان يقسم قال يجلد مائة الا سوطا احصن او لم يحصن وذكر ابو بكر قال حدثني يزيد بن هارون عن هشام عن الحسن قال اذا كان له في الفيء شيء عذر ويقوم عليه وكذلك في جارية بينه وبين رجل قال‏.‏

وحدثني هشيم عن إسماعيل بن سالم عن الحكم انه قال في رجل وطىء جارية من الفيء قال ليس عليه حد له فيها نصيب وقد روي عن سعيد في ذلك خلاف ما تقدم ذكر ابو بكر قال حدثني عبدة عن سعيد عن قتادة عن سعيد بن المسيب قال ليس عليه حد اذا كان له فيها نصيب قال ابو عمر هذا اولى لان الدماء محذورة الا بيقين ولان يخطئ الامام في العفو خير له من ان يخطئ في العقوبة وبالله التوفيق قال مالك في الرجل يحل للرجل جاريته انه ان اصابها الذي احلت له قومت عليه يوم اصابها حملت او لم تحمل ودرىء عنه الحد بذلك فان حملت الحق به الولد قال ابو عمر في هذا ايضا اقوال احدها هذا والاخر انها لا تقوم عليه ان لم تحمل ويعزران معا الا ان يكونا جاهلين والثالث ان الرقبة تبع للفرج فاذا احل له وطؤها فهي هبة مقبوضة فان ادعى انه لم يرد ذلك حلف وقومت على الواطئ حملت او لم تحمل ليكون وطؤها في شبهة يلحق بها الولد وقد قيل انه اذا احل له وطؤها فقد وهبها له اذا كان ممن يقرا ‏(‏والذين هم لفروجهم حافظون الا على ازواجهم او ما ملكت ايمانهم فانهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون‏)‏ المؤمنون‏.‏

7- 5 ‏(‏ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه‏)‏ ‏[‏الطلاق 1‏]‏‏.‏

والرابع انه زان ان علم انه لا يحل له وطء فرج لم يملك رقبته وعليه الحد وان جهل وظن ان من يملك يجوز له التصرف في ما شاء منها درىء عنه الحد قال مالك في الرجل يقع على جارية ابنه او ابنته انه يدرا عنه الحد وتقام عليه الجارية حملت او لم تحمل قال ابو عمر على هذا جمهور العلماء انه لا حد على من وطىء امة من ولده واظن ذلك والله اعلم لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال لرجل خاطبة ‏(‏انت ومالك لابيك‏)‏ وقال صلى الله عليه وسلم ‏(‏لا يقاد بالولد الوالد‏)‏ واجمع الجمهور انه لا يقطع في ما سرق من مال ولده فهذه كلها شبهات يدرا بها عنها الحد واما تقويمها عليه فلان وطاه لها يحرمها على ابنه فكأنه استكرهها وليس له من ماله الا القوت عند الفقر والزمانة وما استهلك من ماله غير ذلك ضمنه له الا ترى انه ليس له من مال ولده ان مات وترك ولدا الا السدس وسائر ماله لولده وهذا بين ان قوله صلى الله عليه وسلم ‏(‏انت ومالك لابيك‏)‏ انه ليس على التمليك وكما كان قوله عليه الصلاة والسلام ‏(‏انت‏)‏ ليس على التمليك فكذلك قوله عليه الصلاة والسلام ‏(‏ومالك‏)‏ ليس على التمليك ولكنه على البر به والاكرام له وقد اجمعوا ان الاب لو قتل بن ابنه او من الابن وليه لم يكن للابن ان يقبض من ابيه في ذلك كله وهذا كله تعظيم حقوق الاباء والامهات قال الله عز وجل ‏(‏ان اشكر لي ولوالديك‏)‏ ‏[‏لقمان 14‏]‏‏.‏ وقال عز وجل ‏(‏ووصينا الانسان بوالديه حسنا‏)‏ ‏[‏العنكبوت 8‏]‏‏.‏

وقال عز وجل ‏(‏ اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهما اف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا‏)‏ الاسراء 23 24 فأمر الله عز وجل الابناء ببر الاباء واكرامهما في حياتهما والدعاء لهما بعد وفاتهما وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم انه عد في الكبائر عقوق الابوين واجمع العلماء على ذلك‏.‏

1543- مالك عن ربيعة بن ابي عبد الرحمن ان عمر بن الخطاب قال لرجل خرج بجارية لامرأته معه في سفر فأصابها فغارت امراته فذكرت ذلك لعمر بن الخطاب فسأله عن ذلك فقال وهبتها لي فقال عمر لتأتيني بالبينة او لارمينك بالحجارة قال فاعترفت امراته انها وهبتها له قال ابو عمر هذا واضح لان عمر رضي الله عنه راه زانيا وكان محصنا فمن ذلك اخبره ان لم يقم البينة رجم وفي اعتراف امراته له بعد شكواها به ما يدل على ان الشبهات تسقط الحدود والله اعلم وقد روى هذا الخبر بن جريج عن عبد الله بن ابي بكر ورواه ايضا معمر عن قتادة وقال فيه فلما سمعت المراة ذلك قالت صدق قد كنت وهبتها له ولكن حملتني الغيرة فجلدها عمر حد القذف ثمانين وخلى سبيله وهذا يدل على ان حد القذف اوكد من حد الزنى الا ترى ان من وجب عليه القتل ووجبت عليه حدود انه لا يقام عليه مع القتل الا حد القذف فانه يجلد للقذف ثم يقتل عند مالك وكثير من العلماء والذي خرج بجارية امراته معه في السفر هو هلال بن يساف الانصاري وامراته التي شكت به ام كلثوم بنت ابي بكر الصديق امها حبيبة بنت خارجة بنت زيد بن ابي زهير وذلك موجود في باب الرجل يصيب وليدة امراته في كتاب عبد الرزاق وقد روي عن علي بن ابي طالب وعبد الله بن عمر مثل ما روي عن عمر في الذي يقع على جارية امراته ان حده الرجم وقد روي عن علي انه درا عنه الحد وهذا معناه ان كان جاهلا بتحريم ذلك عليه لو صح والاول اصح عنه وذكر عبد الرزاق وغيره عن الثوري عن سلمة بن كهيل عن حجية بن عدي ان امراة جاءت إلى علي فقال ان زوجها وقع على جاريتها فقال ان تكوني صادقة رجمته وان تكوني كاذبة جلدتك ثمانين قالت يا ويلها غيرى نفرة وذكر وكيع عن إسماعيل بن ابي خالد عن مدرك بن عمارة قال جاءت امراة إلى علي فقالت يا ويلها ان زوجها وقع على جاريتها فقال ان كنت صادقة رجمناه وان كنت كاذبة جلدناك وقد روي مثل هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث النعمان بن بشير وروى الاعمش ومنصور عن ابراهيم عن علقمة قال ما ابالي وقعت على جارية امراتي او وقعت على جارية عوسجة رجل من النخع وذكر ابو بكر قال حدثني بن ادريس عن هشام عن الحسن وبن سيرين انهما كانا اذا سئلا عن الرجل يقع على جارية امراته يتلوان هذه الاية ‏(‏والذين هم لفروجهم حافظون الا على ازواجهم أو ما ملكت ايمانهم فانهم غير ملومين‏)‏ إلى قوله ‏(‏العادون‏)‏ المؤمنون‏.‏

5- 7 قال‏.‏

وحدثني يزيد بن هارون قال اخبرنا سعيد بن ابي عروبة عن اياس بن معاوية عن نافع قال جاءت جارية إلى عمر فقالت يا امير المؤمنين ان المغيرة - تعني بن شعبة - يطؤني وان امراته تدعوني زانية فان كنت لها فانه عن غشياني وان كنت له فانه امراته عن قذفي فأرسل إلى المغيرة فقال تطأ هذه الجارية قال نعم من اين قال وهبتها لي امراتي قال والله لئن لم تكن وهبتها لك لا ترجع إلى اهلك الا مرجوما ثم دعا رجل رقيقين فقال انطلقا إلى امراة المغيرة فأعلماها لئن لم تكوني وهبتها له لنرجمنه قال فأتياها فأخبراها فقالت يا لهفاه ‏!‏ اتريد ان ترجم بعلي لاها الله اذا لقد وهبتها له فخلى عنه وقال عطاء هو زان ولا حد على من قذفة بالزنى وقال قتادة يرجم فانه زان قال ابو عمر كان بن مسعود لا يرى عليه حدا روي ذلك عنه من وجوه ويحتمل ان يكون عذره بالجهالة ويظنها انها تحل له والله اعلم ذكر وكيع عن زكريا واسماعيل عن الشعبي قال جاء رجل إلى عبد الله فقال اني قد وقعت على جارية امراتي قال اتق الله ولا تعد ثم قال لا جلد ولا رجم وروى سفيان عن منصور عن ربعي عن عقبة بن حيان عن عبد الله قال لا حد عليه وكان ابراهيم النخعي يقول يعزر ولا حد عليه وقد روي عن بن مسعود انه ضربة دون الحد وقد روي عن عمر بن الخطاب انه ضربة مائة جلدة ورواه معمر وبن عيينة عن الزهري عن القاسم بن محمد وقال بن عيينة فيه عن الزهري عن القاسم عن عبيد بن عمير عن عمر ورواه معمر عن سماك بن الفضل عن عبد الرحمن بن سلمان عن عمر وبه قال بن شهاب الزهري وابو عمر والاوزاعي انه يجلد مائة وان كان محصنا وذلك ادنى الحدين فهذا قول ثالث وفي المسألة قول رابع روي من وجوه ثابتة عن الحسن عن قبيصة بن حريث عن سلمة بن المحبق قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجل وطىء جارية امراته ان كان استكرهها فهي حرة وعليه مثلها لسيدتها وان كانت طاوعته فهي له وعليه لسيدتها مثلها وهذا حديث صحيح رواه بن عيينة عن عمرو بن دينار قال سمعت الحسن البصري يحدث عن قبيصة بن حريث عن سلمة بن المحبق عن النبي صلى الله عليه وسلم وبه قال احمد واسحاق وهو قول بن مسعود ذكره ابو بكر قال حدثني يحيى بن سعيد القطان عن سفيان عن الشيباني عن الشعبي عن عامر بن مطر عن عبد الله في الرجل يقع على جارية امراته قال ان استكرهها فهي حرة وعليه مثلها وان كانت طاوعته فهي له وعليه مثلها لسيدتها‏.‏

باب ما يجب فيه القطع

1544- مالك بن نافع عن عبد الله بن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع في مجن ثمنة ثلاثة دراهم‏.‏

1545- مالك عن عبد الله بن عبد الرحمن بن ابي حسين المكي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏(‏لا قطع في ثمر معلق ولا في حريسة جبل ‏(‏2‏)‏ فاذا اواه المراح او الجرين فالقطع فيما يبلغ ثمن المجن‏)‏‏.‏

1546- مالك عن عبد الله بن ابي بكر عن ابيه عن عمرة بنت عبد الرحمن أن سارقا سرق في زمان عثمان أترجة فأمر بها عثمان بن عفان أن تقوم فقومت بثلاثة دراهم من صرف اثني عشر درهما بدينار فقطع عثمان يده‏.‏

1547- مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت ما طال علي وما نسيت ‏(‏القطع في ربع دينار فصاعدا‏)‏‏.‏

وقال مالك أحب ما يجب فيه القطع الي ثلاثة دراهم وان ارتفع الصرف أو اتضع وذلك ان رسول الله قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم وان عثمان بن عفان قطع في اترجة قومت بثلاثة دراهم وهذا احب ما سمعت الي في ذلك قال ابو عمر ادخل مالك رحمه الله في اول هذا الباب الحديث المسند الصحيح الاسناد حديث بن عمر وهذا اثبت ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في معناه وهو يوجب القطع في كل عرض مسروق يبلغ ثمنه ثلاثة دراهم واردفه بالحديث المرسل ومراسيل الثقات عندهم صحاح يجب العمل بها وهو مع هذا يستند من حديث عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده رواه الثقات عن عمرو بن شعيب منهم عمرو بن الحارث وهشام بن سعد ومحمد بن إسحاق حدثني سعيد بن نصر قال حدثني قاسم بن اصبغ قال حدثني محمد بن وضاح قال حدثني ابو بكر قال حدثني عبد الله بن ادريس قال حدثني محمد بن إسحاق قال‏.‏

وحدثني عبد الوارث بن سفيان واللفظ لحديثه قال‏.‏

وحدثني قاسم بن اصبغ قال حدثني بن وضاح قال حدثني سحنون قال حدثني بن وهب قال اخبرني هشام بن سعد وعمرو بن الحارث ثم اتفقا عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال ‏(‏لا قطع في ثمر معلق ولا في حريسة جبل فاذا اواه المراح والجرين فالقطع فيما بلغ ثمن المجن قال ابو عمر كان مالكا رحمه الله انما اراد بادخاله هذا الحديث باثر حديث بن عمر البيان ان المجن المذكور فيه هو الذي روى بن عمر ان ثمنه ثلاثة دراهم ردا على الكوفيين الذين يروون ان ثمن المجن الذي قطع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عشرة دراهم ثم اردفه بحديث عثمان رضي الله عنه انه قطع في ثمن اترجة قومت بثلاثة دراهم من صرف اثني عشر درهما يعني بدينار ثم اردف ذلك بحديث عائشة قولها ‏(‏ما طال على وما نسيت‏)‏ والقطع في ربع دينار فصاعدا تريد ثلاثة دراهم من الصرف المذكور ثم اختار القطع فيما بلغ ثلاثة دراهم واستحبه دون مراعاة ربع دينار ذهبا في تقويم العروض المسروقة لان النبي صلى الله عليه وسلم ثم عثمان بعده انما قوم المجن والاترجة بالثلاثة دراهم لا بربع دينار ذهبا وتحصيل مذهبه انه لا يرد الذهب إلى الفضة بالقيمة ولا ترد الفضة إلى الذهب بالقيمة ومن سرق من الذهب ربع دينار فصاعدا فعليه القطع ومن سرق من الفضة ثلاثة دراهم فصاعدا فعليه القطع ولو سرق السارق درهمين صرفهما ربع دينار لم يجب عليه قطع ومن سرق ما عداهما من العروض كلها قومت سرقته بالثلاثة دراهم لا بربع دينار ارتفع الصرف بذلك او انخفض وبهذا كله قال احمد بن حنبل الا ان احمد يقول من سرق من العروض ما يبلغ ثمنه ثلاثة دراهم او ربع دينار قطع ولا يقطع في الدراهم حتى تكون ثلاثة دراهم ولا في الذهب حتى يكون ربع دينار وهو قول إسحاق في رواية واما الشافعي رحمه الله فانما عزل واحتمل على حديث عائشة في ربع دينار من الورق لا يساوي ربع دينار ذهبا لم يجب عليه القطع لان الثلاثة دراهم انما ذكرت في الحديث لانها كانت يومئذ ربع دينار ذهبا وذلك بين في حديث عثمان في الاترجة اذ قال من صرف اثني عشر درهما ومن سرق شيئا من العروض كلها على اختلاف اجناسها لم تقوم سرقته الا بربع دينار ذهبا ارتفع الصرف او انخفض الا بالثلاثة الدراهم وحجته في ذلك قول عائشة ما طالع علي وما نسيت ‏(‏القطع في ربع دينار فصاعدا‏)‏ وذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية الثقات وقد روي عن إسحاق مثل قول الشافعي وبه قال ابو ثور وداود كلهم يقدروا بدينار في تقويم العروض المسروقة وفي الصرف ايضا ارتفع الصرف او اتضع وقول كالشافعي سواء والحجة للشافعي وابي ثور داود ومن قال بقولهم ما حدثناه سعيد بن نصر وعبد الوارث قالا حدثني قاسم بن اصبغ قال حدثني بن وضاح قال حدثني ابو بكر قال حدثني يزيد بن هارون قال حدثني بن كثير وابراهيم بن سعد قالا جميعا اخبرنا الزهري عن عمرة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏(‏القطع في ربع دينار فصاعدا‏)‏‏.‏

وحدثاني قالا حدثني قاسم بن اصبغ قال حدثني محمد بن إسماعيل قال حدثني الحميدي قال حدثني سليمان قال حدثني اربعة عن عمرة عن عائشة لم يرفعوه عبد الله بن ابي بكر ورزيق بن حكيم ويحيى وعبد ربه ابنا سعيد الا ان في حديث يحيى ما دل على ان الرفع قولها ما طال علي وما نسيت ‏(‏القطع في ربع دينار فصاعدا‏)‏ قال‏.‏

وحدثني الزهري وكان احفظهم قال حدثني عمرة عن عائشة انها سمعها تقول ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقطع في ربع دينار فصاعدا فرفعه الزهري وهو احفظهم وهذا كله كلام بن عيينة وكذلك رواه معمر وسائر اصحاب الزهري عنه عن عمرة عن عائشة مرفوعا ذكر عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عمرة عن عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏(‏تقطع اليد في ربع دينار فصاعدا‏)‏ ورواه الليث بن سعد عن بن الهادي عن ابي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة عن عائشة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ‏(‏لا تقطع يد السارق الا في ربع دينار فصاعدا قال ابو عمر حديث بن شهاب الزهري وابي بكر بن محمد عن عمرة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم اصح ما في هذا الباب وبه قال عمر بن عبد العزيز والليث بن سعد والاوزاعي والشافعي واصحابه واليه ذهب ابو ثور وداود وقال داود ليس في حديث بن عمر لان الثلاثة دراهم كانت ربع دينار قال ولو خالف بن عمر لحديث عائشة لانها حكته عن النبي صلى الله عليه وسلم وبن عمر انما اخبر ان قيمة المجن كانت ثلاثة دراهم ولم يذكر ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وروي مثل قول الشافعي في هذا الباب عن عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم وهي منقطعة واحسنها حديث علي حدثناه عبد الوارث قال حدثني قاسم قال حدثني محمد بن عبد السلام قال حدثني محمد بن بشار قال حدثني يحيى بن سعيد عن جعفر بن محمد عن ابيه ان عليا رضي الله عنه قطع في ربع دينار درهمين ونصف وذكر ابو بكر قال حدثني عبد الرحمن عن يحيى بن سعيد عن ابي بكر بن محمد قال اتي عثمان رضي الله عنه في رجل سرق اترجة فقومها بربع دينار فقطع يده قال ابو عمر فهذان القولان لفقهاء الحجاز - ومن قال بقولهم - متقاربان في وجه مختلفان في اخر واما فقهاء العراق فلا يرون قطع يد السارق في اقل من عشرة دراهم الا ان منهم من يراعيها دون مراعاة دينار ومنهم من يقول بقطع اليد في دينار او في عشرة دراهم فالدينار عندهم عشرة دراهم على ما قوم به عمر الدينار في الدية فجعلها في روايته الف دينار او عشرة الاف درهم وروي عن علي بن ابي طالب وعبد الله بن مسعود انهما قالا تقطع اليد في اقل من دينار او عشرة دراهم وروى وكيع عن حمزة الزيات عن الحكم عن ابي جعفر قال قيمة المجن الذي قطعت فيه اليد دينار وقال ابراهيم النخعي لا تقطع اليد الا في دينار او قيمته واما سفيان الثوري وابو حنيفة وابو يوسف ومحمد وزفر فقالوا لا تقطع اليد الا في عشرة دراهم وهذا قول عطاء وقال ابو حنيفة واصحابه لا يقطع من سرق مثقالا من ذهب حتى يكون المثقال يساوي عشرة دراهم مضروبة فصاعدا ولا يقطع من سرسق نفرا من فضة وزنها عشرة دراهم مضروبة ولا يقطع من سرق عشرة دراهم زائفة او مبهرجة اذا كانت لا تساوي عشرة دراهم بيضا فالحجة لمن قال ان اليد لا تقطع الا في عشرة دراهم وان المجن الذي قطع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ثمنه عشرة دراهم ما حدثناه عبد الوارث قال حدثني قاسم قال حدثني محمد قال حدثني ابو بكر قال حدثني بن نمير وعبد الاعلى قالا حدثني محمد بن إسحاق عن ايوب بن موسى عن عطاء عن بن عباس قال كان ثمن المجن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة دراهم قال ابو بكر قال‏.‏

وحدثني عبد الاعلى عن محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏لا تقطع يد السارق في دون ثمن المجن‏)‏ قال وكان ثمن المجن عشرة دراهم قال فهذا بن عباس وعبد الله بن عمرو بن العاص قد خالفا بن عمر في ثمن المجن الذي قطع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم يد السارق فالواجب ان لا تستباح اليد الا بيقين لان صاحب العشرة يجامعه صاحب الثلاثة وليس صاحب العشرة بجامع لصاحب الثلاثة قال ابو عمر قد يكون ذلك امرين في حدين اذا صح القطع في ثلاثة دراهم فصاعدا دخل فيه العشرة وكل ما زاد على الثلاثة والله اعلم كيف كان ذلك وحديث ربع دينار اولى ما قيل في هذا الباب والله الموفق للصواب قال ابو عمر من قال لا تقطع اليد الا في ثلاثة دراهم فصاعدا ومن قال في ربع دينار فصاعدا او من قال في دينار او عشرة دراهم فصاعدا لكل واحد منهم حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يحدثه ويسند إليه ويحتج به ويعدل عليه ولكل واحد منهم سلف من الصحابة والتابعين وفي المسالة اقاويل غير هذه ليس في شيء منها حديث مسند الا واحد منها وفيها احاديث منقطعة لا تثبت ان ثمن المجن الذي قطع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم كان خمسة دراهم وقد قال بان اليد لا تقطع الا في خمسة دراهم فصاعدا جماعة منهم بن ابي ليلى وبن شبرمة وروي ذلك عن عمر بن الخطاب وسليمان بن يسار ذكر ابو بكر بن ابي شيبة قال حدثني بن ادريس عن بن ابي عروبة واسماعيل عن قتادة عن سعيد بن المسيب قال لا يقطع الخمس الا في خمس قال‏.‏

وحدثني ابو داود عن هشام عن قتادة عن سليمان بن يسار قال لا يقطع الخمس الا في خمس وقد روى شعبة عن قتادة عن انس قال قطع ابو بكر الصديق رضي الله عنه في مجن قيمته خمسة دراهم قال ابو عمر هذا حديث رواه الثوري عن شعبة وليس فيه حجة لان من راى القطع في ثلاثة دراهم قطعها فيما زاد خمسة او غير خمسة وقول اخر ان اليد لا تقطع الا في اربعة دراهم فصاعدا روي ذلك عن ابي سعيد الخدري وابي هريرة من حديث يحيى القطان وحديث شعبة ايضا رواه جميعا عن داود اصيبيح انه سمع ابا سعيد وابا هريرة يقولان لا تقطع اليد الا في اربعة دراهم فصاعدا ذكره ابو بكر قال حدثني غندر وذكره بنداد عن يحيى القطان قال ابو بكر‏.‏

وحدثني عبد الوهاب الثقفي عن خالد عن عكرمة قال تقطع اليد في ثمن المجن قال خالد قلت له ذكر لك ثمنه قال اربعة او خمسة وقال عثمان البتي تقطع اليد في درهم وروي عن الحسن البصري في هذا الباب روايات فروى الاشعث بن عبد الملك انه قال ما كنت لان اقطع اليد في اقل من خمسة دراهم وروى منصور عنه انه كان لا يوقت في السرقة شيئا ويتلو هذه الاية ‏(‏والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما‏)‏ ‏[‏المائدة 38‏]‏‏.‏

وروى قتادة عنه انه قال تذاكرنا على عهد زياد ما تقطع فيه اليد فاجمع راينا على درهمين وقالت الخوارج وطائفة من اهل الكلام كل سارق بالغ سرق ما له قيمة قلت او كثرت فعليه القطع واحتج بعض المتاخرين ممن ذهب إلى هذا ما حدثناه سعيد وعبد الوارث قالا حدثني قاسم قال حدثني محمد قال حدثني ابو بكر بن ابي شيبة قال حدثني ابو معاوية عن الاعمش عن ابي صالح عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده‏)‏ وهذا حديث شاذ ويحتمل ان يكون معناه القليل لان مقدار ما تقطع فيه يد السارق في جناية يده قليل وقد قيل ان حديث ابي هريرة هذا كان في حين نزول الاية ثم احكمت الامور بعد احكمها الله تعالى بان سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين مراد الله من كتابه فقال ما رواه الزهري وغيره عن عمرة عن عائشة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ‏(‏لا قطع الا في ربع دينار فصاعدا‏)‏ وقد قيل انه اراد عليه الصلاة والسلام بذكر البيضة في حديث ابي هريرة بيضة الحديد وليس بشيء والصواب ما قدمت لك والله اعلم ذكر ابو بكر قال حدثني حاتم بن إسماعيل قال حدثني جعفر بن محمد عن ابيه ان عليا رضي الله عنه انه قطع يد سارق في بيضة حديد ثمنها ربع دينار‏.‏

1548- قال ابو عمر ذكر مالك في هذا الباب حديثه عن عبد الله بن ابي بكر عن عمرة قالت خرجت عائشة إلى مكة ومعها مولاتان لها ومعهما غلام لبني عبد الله بن ابي بكر الصديق فبعثت مع المولاتين ببرد مرجل قد خيط عليه خرقة خضراء قالت فاخذ الغلام البرد ففتق عنه فاستخرجه وجعل مكانه لبدا او فروة وخاط عليه فلما قدمت المولاتان المدينة دفعتا ذلك إلى اهله فلما فتقوا عنه وجدوا فيه اللبد ولم يجدوا البرد فكلموا المراتين فكلمتا عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم او كتبتا اليها واتهمتا العبد فسئل العبد عن ذلك فاعترف فامرت به عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقطعت يده وقالت عائشة القطع في ربع دينار فصاعدا وليس فيه اكثر من فتيا عائشة بقطع يد العبد السارق وقولها القطع في ربع دينار فصاعدا وسياتي القول في الحرز في موضعه من باب جامع القطع ان شاء الله عز وجل ولم يختلف العلماء فيمن اخرج الشيء المسروق من حرزه سارقا له وبلغ المقدار الذي تقطع فيه يده ان عليه القطع حرا كان او عبدا ذكرا كان او انثى مسلما كان او ذميا لان العبد الابق اذا سرق اختلف السلف في قطعه ولم يختلف ائمة فقهاء الامصار في ذلك والحمد لله‏.‏

باب ما جاء في قطع الابق والسارق

1549- مالك عن نافع ان عبدا لعبد الله بن عمر سرق وهو ابق فارسل به عبد الله بن عمر إلى سعيد بن العاص وهو امير المدينة ليقطع يده فابى سعيد ان يقطع يده وقال لا تقطع يد الابق السارق اذا سرق فقال له عبد الله بن عمر في أي كتاب الله وجدت هذا ثم امر به عبد الله بن عمر فقطعت يده قال ابو عمر في هذا الخبر لمذهب مالك في ان السيد لا يقطع يد عبده في السرقة وان كان قد اختلف عنه في حده في الزنى ولم يختلف عنه انه لا يقطع السيد عبده في السرقة لان قطع السارق إلى السلطان فلما لم يرض بن عمر الحد يقام على يدي السلطان وراه حدا معطلا قام لله عز وجل وقد ذكرنا اختلاف العلماء في هذه المسالة فيما مضى‏.‏

1550- مالك عن زريق بن حكيم انه اخبره انه اخذ عبدا ابقا قد سرق قال فاشكل علي امره قال فكتبت فيه إلى عمر بن عبد العزيز اساله عن ذلك وهو الوالي يؤمئذ قال فاخبرته انني كنت اسمع ان العبد الابق اذا سرق وهو ابق لم تقطع يده قال فكتب الي عمر بن عبد العزيز نقيض كتابي يقول كتبت الي انك كنت تسمع ان العبد الابق اذا سرق لم تقطع يده وان الله تبارك وتعالى يقول في كتابه ‏(‏والسارق والسارقة فاقطعونا ايديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم‏)‏ ‏[‏المائدة 38‏]‏‏.‏

فان بلغت سرقته ربع دينار فصاعدا فاقطع يده قال ابو عمر روي هذا الحديث عن زريق صاحب ايلة كما رواه مالك وانما اشكل على زريق بن حكيم قطع يد العبد اذا سرق لما سمع فيه من الاختلاف والله اعلم - فاراد ان يقف من ذلك على راي امين في المسالة ولم ير عمر بن عبد العزيز الاختلاف في ذلك شيئا اذا لم تكن سنة من النبي صلى الله عليه وسلم فبين فيها مراد الله من تخصيص الله الاية في الاباق من العبيد كما بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم في المقدار الذي يجب فيه القطع حمل الاية على ظاهرها وعمومها وهذا اصل صحيح ومذهب جميل‏.‏

1551- مالك انه بلغه ان القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله وعروة بن الزبير كانوا يقولون اذا سرق العبد الابق ما يجب فيه القطع قطع قال مالك وذلك الامر الذي لا اختلاف فيه عندنا ان العبد الابق اذا سرق ما يجب فيه القطع قطع قال ابو عمر على هذا قول مالك والشافعي وابي حنيفة واصحابهم والثوري والاوزاعي والليث واحمد واسحاق وابي ثور وداود وجمهور اهل العلم - اليوم بالامصار وانما وقع الاختلاف فيه قديما ثم انعقد الاجماع بعد ذلك والحمد لله كثيرا ومن الاختلاف بين السلف ما رواه معمر عن الزهري قال دخلت على عمر بن عبد العزيز فسالني ايقطع العبد الابق اذا سرق قلت لم اسمع فيه بشيء فقال لي عمر كان عثمان ومروان لا يقطعانه قال الزهري فلما استخلف يزيد بن عبد الملك رفع إليه عبد ابق سرق فسالني عنه فاخبرته بما اخبرني به عمر بن عبد العزيز عن عثمان ومروان فقال اسمعت فيه بشيء قلت لا الا ما اخبرني به عمر قال فوالله لاقطعنه قال الزهري فحججت عامئذ فلقيت سالم بن عبد الله فسالته فاخبرني ان غلاما لعبد الله بن عمر سرق وهو ابق فرفعه بن عمر إلى سعيد بن العاص وهو امير على المدينة فقال ليس عليه قطع انا لا نقطع آبقا قال فذهب به بن عمر فقطعت يده وقام عليه حتى قطع وروى الثوري ومعمر عن عمرو بن دينار عن مجاهد عن بن عباس انه كان لا يرى على عبد ابق سرق قطعا وذكره ابو بكر قال حدثني يحيى بن سعيد عن سفيان عن عمرو عن مجاهد عن بن عباس قال لا يقطع الابق اذا سرق في اباقه قال‏.‏

وحدثني وكيع عن بن ابي ذئب عن الزهري ان عثمان ومروان وعمر بن عبد العزيز كانوا لا يقطعون الابق اذا سرق قال‏.‏

وحدثني عبيد الله عن حنظلة عن سالم عن عائشة قالت ليس عليه قطع وعبد الرزاق عن عبد الله بن عمر عن نافع عن عائشة مثله قال عبد الرزاق قال سفيان قولها انه لا يقطع ليس معصية الله عز وجل في اباقه تخرجه من القطع وقال سفيان عن خالد الحذاء عن الحسن انه سئل عن العبد الابق يسرق اتقطع يده قال نعم وقال حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد ان عمر بن عبد العزيز والقاسم بن محمد قالا العبد الابق اذا سرق قطع وذكر ابو بكر قال حدثني الفضل بن دكين عن الحسن بن صالح عن ابراهيم بن عامر ان عمر بن عبد العزيز سال عروة عنه فقال يقطع قال‏.‏

وحدثني وكيع عن اسرائيل عن جابر عن عامر قال يقطع‏.‏

باب ترك الشفاعة للسارق اذا بلغ السلطان

1552- مالك عن بن شهاب عن صفوان بن عبد الله بن صفوان ان صفوان بن امية قيل له انه من لم يهاجر هلك فقدم صفوان بن امية المدينة فنام في المسجد وتوسد رداءه فجاء سارق فاخذ رداءه فاخذ صفوان السارق فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏اسرقت رداء هذا‏)‏ قال نعم فامر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ان تقطع يده فقال له صفوان اني لم ارد هذا يا رسول الله هو عليه صدقة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏فهلا قبل ان تاتيني به قد ذكرنا في ‏(‏ التمهيد‏)‏ اختلاف الرواة لهذا الحديث عن مالك وعن بن شهاب ايضا وذكرنا طرقه من غير رواية بن شهاب وتقصينا ذلك هنالك والحمد لله كثيرا ونذكر في اخر هذا الباب ما في هذا الحديث من المعاني وما للعلماء فيها من المذاهب والحمد لله‏.‏

1553- مالك عن ربيعة بن ابي عبد الرحمن ان الزبير بن العوام لقي رجلا قد اخذ سارقا وهو يريد ان يذهب به إلى السلطان فشفع له الزبير ليرسله فقال لا حتى ابلغ به السلطان فقال الزبير اذا بلغت به السلطان فلعن الله الشافع والمشفع هذا خبر منقطع ويتصل من وجه صحيح قال ابو عمر ادخل مالك خبر الزبير بيانا لحديث صفوان لان السلطان لا يحل له ان يعطل حدا من الحدود التي لله عز وجل اقامتها عليه اذا بلغته كما ليس له ان يتجسس عليها اذا استترت عنه وبان الشفاعة في ذوي الحدود حسنة جائزة وان كانت الحدود فيها واجبة اذا لم تبلغ السلطان وهذا كله لا اعلم فيه خلافا بين العلماء وحسبك بذلك علما وذكر ابو بكر قال حدثني وكيع وحميد بن عبد الرحمن الرواسي عن هشام بن عروة عن عبد الله بن عروة عن الفرافصه الحنفي قال مروا على الزبير بسارق فشفع له فقالوا اتشفع للسارق قال نعم ما لم يؤت به إلى الامام فاذا اتي به إلى الامام فلا عفو له عنه ان عفا عنه وروى بن سلمة عن هشام بن عروة عن اخيه عبد الله بن عروة عن الفرافصة ان الزبير مر بلص قد اخذ فقال دعوه اعفوا عنه فقالوا اتامرنا بهذا يا ابا عبد الله وانت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏!‏ فقال ان الحدود يعفى عنها ما لم تبلغ إلى السلطان فاذا رفعت إلى السلطان فلا عفا الله عنه ان عفي عنها قال ابو عمر هذا تفسير قوله صلى الله عليه وسلم لصفوان ‏(‏فهلا قبل ان تاتيني به‏)‏ فانه لم يهب الرداء الا رجاء العفو عنه قال ابو بكر‏.‏

وحدثني حميد عن هشام عن ابي حازم ان عليا شفع لسارق فقيل له اتشفع لسارق ‏!‏ قال نعم ان ذلك ليفعل ما لم يبلغ الامام وعن سعيد بن جبير وعطاء وجماعة من علماء التابعين مثل ذلك وروي عن ابي بكر وعمر وعثمان مثل ذلك والاثار في الستر على المسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة وذكر ابو بكر قال حدثني ابو معاوية عن عاصم عن عكرمة ان بن عباس وعمارا والزبير اخذوا سارقا فخلوا سبيله قال عكرمة فقلت لابن عباس بئس ما صنعتم حين خليتم سبيله فقال لا ام لك اما لو كنت انت لسرك ان يخلى سبيلك وهذا كله قبل ان يبلغ إلى السلطان لقوله صلى الله عليه وسلم ‏(‏من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله عز وجل في حكمه‏)‏ وذكره ابو بكر قال حدثني عبدة عن يحيى بن سعيد عن عبد الوهاب عن بن عمر قال حدثني سعيد قال حدثني قاسم قال حدثني محمد قال حدثني ابو بكر قال حدثني بن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم كلم في شيء فقال عليه الصلاة والسلام ‏(‏لو كانت فاطمة بنت محمد لاقمت عليها الحد‏)‏ قال ابو عمر في حديث بن شهاب في هذا الباب في قصة رداء صفوان المسروق من تحت راسه وهو قد توسده دليل على ان الحرز قد يكون بمثل ذلك من الفعل واتفق الفقهاء ائمة الفتوى بالامصار واتباعهم على مراعاة الحرز في ما يسرقه السارق فقالوا ما سرقه السارق من غير حرز فلا قطع عليه بلغ المقدار الذي يجب فيه القطع ام لم يبلغ وممن ذهب إلى هذا مالك والثوري والليث والاوزاعي وابو حنيفة والشافعي واصحابهم وحجتهم قوله صلى الله عليه وسلم ‏(‏لا قطع في حريسة الجبل حتى يؤويها المراح فاذا اواها المراح فالقطع على من سرق منها ثمن المجن‏)‏ ورواه عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال علي بن المديني حديث عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم حجة اذ رواه عن عمرو بن شعيب ثقة وادرك اباه وابوه شعيب ادرك عبد الله بن عمرو بن العاص وقال صلى الله عليه وسلم ‏(‏لا قطع على خائن ولا مختلس‏)‏ فلما كان الخائن لا يحترز منه علم انهما لم يكن في حرز فليس بسرقة يجب فيها القطع واجمع العلماء انه لا قطع على المضارب من مال مضاربه وكذلك المودع عنده الوديعة وقد اختلف الفقهاء في ابواب من معاني الحرز يطول ذكرها فجملة مذهب مالك والشافعي ان الحرز كل ما يحرز الناس به اموالهم اذا ارادوا التحفظ من سارق يسرقها وهو يختلف باختلاف الشيء المحروز واختلاف المواضع فاذا ضم المتاع في السوق وقعد صاحبه عليه فهو حرز له سواء كان المتاع في ظرف فاخرجه السارق من ظرفه او كان بحيث ينظر إليه صاحبه جاز ذلك وكذلك ابل القافلة ودواب الرفقة اذا قطر بعضها إلى بعض او كانت غنما في مراحها او متاعا في فسطاط او خباء وعليه من يحفظه ونحو هذا مما يطول اوصافه ومعنى قول الشافعي ومالك في هذا الباب متقارب جدا وقد قال اهل الظاهر وطائفة من اهل الحديث كل سارق سرق ربع دينار ذهبا او قيمته من سائر الاشياء وجب عليه القطع من حرز اخذه او من غير حرز اذا اخذه من ملك مالك لم ياتمنه عليه لان الله عز وجل امر بقطع السارق امرا مطلقا وبين النبي صلى الله عليه وسلم المقدار المقطوع فيه ولم يبين الحرز وتكلموا في الاحاديث التي ذكرناها وهي حجة عليهم لما وصفنا وما اعلم لهم في ترك مراعاة اخراج السرقة من حرزها الا شيئا عن عائشة وبن الزبير ورواية عن الحسن قد روي عنه خلافها وجمهور اهل العلم على ان السارق لا قطع عليه الا ان يسرق شيئا محروزا يخرجه من حرزه وعلى ذلك جماعة الفقهاء ائمة الفتوى بالامصار واختلف العلماء في السارق يسرق ما يجب فيه القطع ويرفع إلى الامام فيقر او تثبت عليه السرقة بالبينة العادلة فيامر الامام بقطعه فيهب له المسروق منه الشيء المسروق قبل ان يقطع على ما صح عن صفوان رضي الله عنه فقال مالك والشافعي واكثر اهل الحجاز يقطع لان الهبة له والصدقة عليه بما سرقه ربما وقعت بعد وجوب الحد عليه وهو احد قولي ابي يوسف وقال ابو حنيفة ومحمد بن الحسن وطائفة لا يقطع لانه قد ملك الشيء المسروق بالصدقة والهبة قبل ان يقع فلا تقطع يد احد في ما هو ملك له وهذا منهم دفع لحديث صفوان قوله صلى الله عليه وسلم ‏(‏فهلا قبل ان تاتيني به‏)‏ ولم يروون شيئا يردونه به وكذلك اختلفوا في هذه المسالة لو وقعت الهبة من المسروق منه للسارق قبل ان يرفع إلى الامام فقال ابو حنيفة وابو يوسف من غير خلاف عنه ومحمد بن الحسن لا قطع عليه‏.‏

وقال مالك والشافعي واصحابهما يقطع ووافقهم على ذلك بن ابي ليلى واحتج الشافعي في ذلك بالزاني بأمة غيره توهب له قبل ان يقام عليه الحد او يشتريها قبل ان يقام عليه الحد ان ملكه الطارئ لا يزيل عنه الحد ومن حجة ابي حنيفة ومن تابعه الحديث المرفوع ‏(‏تعافوا الحدود في ما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب وقال بن وهب سمعت بن جريج يحدث به عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قالوا فهذا الحديث قد عفي عنه بالهبة والصدقة وقد حصل الشيء المسروق ملكا للسارق قبل ان يبلغ السلطان فلم يبلغ الحد السلطان الا وهو يعفو عنه قالوا وما صار ملكا للسارق واستحال ان يقطع فيه لانه انما يقطع في ملك غيره لا في ملك نفسه قالوا والطارئ من الشبهات في الحدود بمنزلة ما هو موجود في الحال قياسا على الشهادات قال ابو عمر قوله صلى الله عليه وسلم لصفوان ‏(‏فهلا قبل ان تاتيني به‏)‏ يمنع من استعمال النظر ما يوجب التسليم إلى ما ذكرنا من صحيح القياس في ملك الزاني نظرا له قبل الحد والله اعلم‏.‏